تفسير سورة الفاتحة
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ </SPAN></A> </SPAN>
هذه السورة ليست من جزء عم، ولكنها لكثرة ترديد المسلم لها في صلواته، وحاجته إلى معرفتها فإنها تفسر، وإن كانت هي أول سورة في كتاب الله -جل وعلا-.
قال الله -جل وعلا- في هذه السورة:
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ </SPAN></A>
هذا إثبات لجميع أنواع المحامد لله -جل وعلا-، والحمد هو الثناء على الله -جل وعلا- بصفاته وأسمائه وأفعاله، سواء منها ما كان متعلقا بالخلق، أو متعلقا بذاته -جل وعلا-.
فنحن نحمد الله -جل وعلا- عليها، وهذا الحمد يستغرق جميع المحامد كلها ما كان منها في الأولى، وما كان منها في الأخرى، والظاهر منها والباطن، وعلى كل حال يحمد الله -جل وعلا-.
وقوله -جل وعلا-:
رَبِّ الْعَالَمِينَ </SPAN></A>
هذا فيه إثبات صفة الربوبية لله، وأنه رب الخلائق أجمعين، والعالمون هم كل من سوى الله -جل وعلا-، فهو ربهم كما أنه -جل وعلا- إله، كما أنه -جل وعلا- هو المستحق للحمد.
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ </SPAN></A>
هذان اسمان من أسماء الله -جل وعلا- متضمنان صفتين من صفاته، وهما مأخوذان من الرحمة، وهذان الاسمان والصفتان اللتان دل عليهما هذان الاسمان يليقان بجلاله -جل وعلا-.
والرحمن عند بعض العلماء مبالغة في الرحمة، فهو أشد مبالغة من الرحيم، وبعض العلماء يقول: الرحمن هو الصفة القائمة بالله -جل وعلا-، والرحيم هي الصفة المتعلقة بالمخلوقين كما قال الله -جل وعلا-:
وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا </SPAN></A>
ولم يقل رحمان.
ثم قال -جل وعلا-:
اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ </SPAN></A>
أي: أن العبد يسأل ربه -جل وعلا- أن يهديه صراطه المستقيم، وهذا الصراط المستقيم هو دين الله -جل وعلا- الذي جاء به نبينا -صلى الله عليه وسلم-، المشتمل على كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، والذي يدعو إليه نبينا -صلى الله عليه وسلم-، وكان عليه هو وأصحابه -رضوان الله تعالى عليهم-.
وقد ذكر الله -جل وعلا- غضبه على اليهود، وذكر إضلال النصارى في آيات كثيرة من كتابه.
وهذا يدل على عظمة هذه السورة، وأنه ينبغي للمسلم أن يفقهها وأن يتدبرها، وأن يعتني بها؛ لأنها اشتملت على بيان حق الله -جل وعلا-، في أسمائه وصفاته وربوبيته، وألوهيته كما أنها دلت الخلق على المنهج القويم، والصراط المستقيم الذي يحصل للعبد بسلوكه الدرجات العلا عند الله -جل وعلا-، ويكون على الحق المبين.
هذا، ونسأل الله -جل وعلا- بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يجعلنا هداة مهتدين.
</SPAN>